
قضى كولين تشان أكثر من عقد وهو يبني حياته في الصين، لكن بعد معايشته قواعد كوفيد المتغيّرة وقضائه خمسة أسابيع في الحجر، بات المواطن السنغافوري مقتنعا بأن وقت المغادرة حان.
ويعجّل تردد الصين في التخلي عن سياستها الصارمة المعروفة بـ"صفر كوفيد" مغادرة المغتربين من ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، بينما تحذّر دوائر المال والأعمال من أن القواعد التي لا يمكن التنبؤ بها تدفع بالأجانب للابتعاد.
وعندما عاد تشان إلى الصين قادما من سنغافورة أواخر فبراير، كان مستعدا للخضوع لحجر صحي طويل في شنغهاي قبل أن يكون بإمكانه العودة إلى بكين، إذ تراجع عدد الرحلات الدولية المباشرة إلى العاصمة بشكل كبير جرّاء كوفيد.
لكن في غضون أيام على وصوله إلى بكين، طُلب منه أن يلزم منزله لأسبوعين آخرين، فيما تم تثبيت جهاز على باب منزله يصدر إنذارا إذا تم فتحه.
قال تشان الذي غادر الصين هذا الشهر بعدما أكمل فترات حجر متعاقبة "كانت القيود تتغير طوال الوقت".
ويعد من بين عدد كبير من المغتربين الذين غادروا أو يفكرون في مغادرة الصين.
وأفادت أكثر من 80 في المائة من الشركات التي استطلعت غرفة التجارة الأميركية آراءها الشهر الماضي بأن سياسات الصين في التعامل مع الفيروس أثّرت على قدرتها في جذب الموظفين الأجانب أو المحافظة عليهم.
وذكرت غرفة التجارة البريطانية بأن الخطر على الأعمال التجارية عند "أعلى مستوى له منذ 2020" عندما كان الفيروس يتفشى سريعا في الصين في بدايات انتشار الوباء.
ونجحت استراتيجية الصين القائمة على فرض تدابير إغلاق سريعة وقيود مشددة على السفر وفترات حجر صحي مطولة في التخفيف من حدة انتشار الفيروس في العامين الأولين من أزمة كوفيد، وسمحت للسكان بالمحافظة على حياتهم الطبيعية إلى حد كبير.
لكن تفشي المتحورة أوميكرون سريعة الانتشار أحدث هزة، إذ سارعت السلطات لاحتواء الموجات الوبائية عبر فرض مجموعة قيود تتغيّر بشكل متسارع، شكلت اختبارا لمدى قدرة حتى المغتربين المقيمين منذ فترة طويلة على الصمود.
- "اتجاه مجنون" -
وتتباهى مدينة شنغهاي ، التي تعد مركزا اقتصاديا عالميا، باستضافتها جالية أجنبية كبيرة تعد حوالى 164 ألف نسمة، بحسب بيانات إحصائية نشرت العام الماضي. ويعمل هؤلاء في مختلف القطاعات من التكنولوجيا والمال وصولا إلى التعليم في المدارس الدولية.
لكن المؤشرات تدل على أن حتى الأكثر تحمّلا بينهم قد يقررون المغادرة.
وبالفعل، أدت القيود المشددة على الدخول إلى البلاد إلى مواجهة الشركات متعددة الجنسيات صعوبات على مدى أشهر في جلب خبراء جدد بعد مغادرة الموجودين.