
تزوج منذ أيام قليلة من امرأة قارئة، امرأة من هؤلاء النسوة اللاتى قرأت عنهن مئات الاقتباسات، عقل رشيد وفكر راقٍ، والرجل مهما استبد به المكر لا يخدع امرأة بتلك الصفات، يكفى أن أقول إن القراءة تمنحها من الأفكار ما لا يعد ولا يحصى، وهى قادرة على تحديد أنماط البشر، وهى القادرة أيضاً على الخروج من أعتى المواقف بأقل الخسائر.
لم ينكر أنها كانت لطيفة.. مطيعة.. حسناء، حلوة القسمات والعَبرات، إلا أنها لم تكن تُحسن أمور المطبخ كما تُحسن سواه، جلس ذات مرة وقد استاء كثيراً من طهيها، ثم لماذا هى حينما تبحث عن الكتب تجدها بمنتهى الدقة؟ وحينما تبحث عن مواقع الطهى فهى الفاشلة بامتياز.
ذات مساء كان فى زيارة لأبيه، عرف الأب أن حال ابنه ليس على ما يرام، وبعدما سأل الأب وبالغ فى الإلحاح، أخرج الابن ما فى جعبته، فما كان من الأب إلا أن قال:
- هذا ليس مدعاة للسخط يا بنى، لقد تزوجت أمك وهى امرأة وفقط، لم أرَ منها نبوغاً فى شىء ما، ولا رأيت طاهية أسوأ منها، وظللت طوال أعوام على تلك الحالة إلى أن أصبحت أمك أمهر طاهية وأروع قارئة، وأجمل كاتبة. الغاية يا بنى أن فاقد الشىء ربما كان أكثر الناس فى البذل والعطاء، هو فقط يحتاج من يحتويه ويدعمه، وقديماً كان إذا مال جذع شجرة شُد بوثاق إلى جذع معتدل فيعتدلان معاً.
أشرف غازى - قاص مصرى - البحيرة
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com